عريس و السلام

فلتعذرني الاخوات ان بديت متهكّما على واقع الاحوال... فالخطب جلل...

لا اخفي احدا ان احد اهداف زيارتي التعرف ببعض "العرائس" حيث مل اهلي الكرام من بقائي دون زواج لفترة طويلة. و لحرصهم الشديد على الا "اضيع" قام الجميع "مشكورين" بتزكية عدد مهول من الفتيات الرائعات في سن الخطبة و الزواج. فمنهم من اغرقني بالعزائم.. و منهم من الحّ في الزيارات. و منهم من اصطحبني "بالخفاء" و منهم من اغدق علي بالمكالمات .. ومنهم و منهم و منهم

لكن الحقيقة لكرهي لهذه الطرق "التقليدية" في "التوفيق" لم القي بالا لكل هذه الإغراءات مع ان الفتيات ماشاء الله على قدر عالٍ من الجمال و التعليم و المستوى. منهن من يحملن المجستير و الدكتوراة. و منهن من ينحدرن من اسر عريقة و غنية. و منهن من يمتزن بالجمال الأخّاذ و الحمد لله فتحت ابواب البيوت كأنها مغارة علي بابا بمقولة "افتح يا سمسم"

لكن الغريب، انّي و بكل صراحة لم استطع الميل من قريب و لا من بعيد لجمهور العرايس. و استغربت من الاستعدادات لأستقبال العرسان. فعلى ما يبدوا الأمور متعارف و متّفق عليها. زيارة تعارف (شرب قهوة)، زيارة ثانية (للتأكيد على القبول) و من ثم زيارات و عزائم متبادلة لإفساح المجال "للتفاهم" بين الاطراف

بصراحة، فشل الجميع في الجواب على سؤال واحد و مهم، لا اسأله من باب معرفة الجواب، و لكن ربّما لأنّي انا لا اعلم اجابته. لكن لا احد اجاب بـ"لا اعلم". و السؤال ببساطة، لماذا تريدين الزواج؟

استفسرت من احداهن و التي كانت في قمّة الظُرف عن سبب فشل خطبتها الاولى (بعد ان صارحتها انّي غير مقتنع نهائيا بالمهزلة و اسرّت لي انّها هي ايضا غير مقتنعة و اتّفقنا على ان نقدّم عرضا يليق بأهالينا من المجاملات السطحية السخيفة) المهم، سألتها عن سبب الفشل فقالت عدم التوافق الاجتماعي و الثقافي حيث انّها من حملة الماجستير و كان الاخ رجل اعمال لكن بدون ثانوية عامة. فسألتها و لم قبلت من البداية فردّت "ايييه، عريس و السلام، هوّه في حد لاقي هاي الايام!"

صراحة استغربت من الرد، ضحكت كثيرا لكن كلماتها دقّت ناقوس الخطر في رأسي. اتساءل، كم من زيجة بدأت بـ"عريس و السلام" و استمرّت فيما بعد؟ و كيف يمكن ان يصل الناس الى هذا الحد من اليأس لأن يقوموا بقبول زوج او زوجة لمجرّد انه ذكر او انّها انثى؟

تابعت حديثها عن "شباب اليومين هدول" الذين يندر ان يكونوا جادّين في فى نواياهم. وان كانوا جادّين بالفعل فضيق ذات اليد سبب آخر يعوق تقدمهم لخطبة فتاة احلامهم، فالذين "عليهم العين" امّا تزوّجوا بالفعل، او هاجروا طالبين الرزق في بلاد الله الواسعة.

بصراحة حزنت لهذه الحالة المتردية و الاساليب التقليدية البالية التي ارى و بكل صراحة انّها مهينة للطرفين و ليس لطرف واحد. مع العلم انّي اعتقد و بقوة في نجاعة النظام التقليدي القائم على التناسب المنطقي و العقلي و ليس العاطفي وحده بين الاطراف. لكن كل شيء باعتدال افضل.

الطريف و المحزن في ذات الوقت الفئة التى لا تؤمن بالفشل و عدم التناسب من البداية، و انا اسمّيها فئة "اللزقة". فحتى مع الرفض القاطع، و السلبية البائنة ترى من يتشبّث بطريقة مزعجة لدرجة غير معقولة اصابتني بالغثيان من كثرة السؤال و الاحاح. فيبدوا ان في بعض الأحيان ان "عريس و السلام" مهمة لدرجة كبيرة عند البعض لدرجة الهوس. فبعض العرائس و اهاليهن مهووسيين بمستقبلهن لدرجة التنازل و "التبخيس" والتدليل على العروس الى حد السلع التجارية

كل ما اقوله للأهالي ان عليهم فعلا ان يصونوا الكنوز من الآنسات العفيفات في بيوتهن و الا يبخسّوا فيهن الى حد الهوس فالهدف دائما و ابدا الاستقرار النفسي و الاجتماعي لتكون الاسرة القادمة ارض خصبة و مرتعا للنجاح الاجتماعي و المودة و الرحمة. وليس الهدف في اي حال من الاحوال، "عريس و السلام"

من Memories Documented  قويدر .... عمّــــــــــــان