ترويح أم ترويع؟

( إذا قرأ القرآن فاستمعوا له و أنصتوا لعلكم ترحمون) صدق الله العظيم ، تلك أول آية تعلمناها منذ نعومة أظفارنا و التي تحث على الإنصات و الخشوع عند تلاوة القرآن الكريم، لكن هناك للأسف بعض من يشوهون هذه الصورة بممارسة خاطئة لم أجد بدا من الكتابة عنها رغم حساسية الموضوع. فهل من إحترام كلام الله عز وجل أن  تذيع بعض المساجد كلام الله عز وجل بصورة عشوائية و غير منضبطة مفقدة إياه القدسية و الاحترام المفروض؟ قبل موعد الأذان الرئيسي تذيع بعض المساجد القران قبل الموعد المقرر بخمسة و عشرين دقيقة،و تتكرر الحالة خمس مرات في اليوم عدا عن ترك سماعات المسجد أيضا مفتوحة بعد الأنتهاء من إقامة الصلاة، أفترض أن للقران قدسية و أوقات ليرتل فيها و يستمع له بخشوع، يؤلمني هذا حقا و أنا أرى هذا المشهد يتكرر و لا أحد ينصت له بالشكل الذي يجب، فمنهم المشغول بالبناء أو الطلاب في المدرسة أو في أمور الحياة اليومية.و منهم من يترك القران في الأسواق التي تعج بالناس في فترة الذروة دون أن يلتفت له أحد!! لا بأس من تنبيه الناس لقرب موعد الصلاة قبلا بخمس دقائق لكن لا أجد من الحكمة أو الحفاظ على قدسة كلام الله أن يذاع بهذا الشكل العشوائي دون أن ينصت له أحد.

(ورتل القران ترتيلا)، (اغضض من صوتك) من الصفات التي خصها الله تعالى بالمسلم أن يخفض من صوته، لكن للأسف هناك بعض خطباء المساجد الذين يصرون على إتباع سياسة الصوت المرتفع أثناء إلقاء الحديث الديني ظنا منهم ان الصوت الأعلى يجلب الإيمان إلى قلوب المصلين، و هذا خاطئ حيث أن الأسلوب الروي والصوت المنخفض المخاطب العقل و القلب لا الأذن فقط أقدر على طمأنة القلوب و تليينها، فمنهم تراه من يلقي خطبته كأنه ينزل إلى معركة فيبث الانقباض في نفوس مستمعيه دون أن يعلم، أخي طفل في العاشرة إعتاد على الذهاب مع أصدقائه إلى المسجد لأداء صلاة التراويح لكنن منذ فترة رأيته إنقطع عن الذهاب فسألته عن السبب، فأجاب على إستحياء أن الخطيب يتحدث بطريقة أقرب للصراخ و أحيانا لا نفهم ما يقول!!على خطيب المسجد أن يراعي أن هناك طفل و شيخ يسمع له و له أن يراعي ذلك بطريقة الخطاب ليرغب القلوب و يستميلها لا يجعلها تنفر، فالأصل بصلاة التراويح أن تروح عن النفس لا أن تعطي معنى و انطباعا آخر يلصقها بها بعض الخطباء.

هناك بعض خطباء المساجد الذين يستحقون التقدير مثل مسجد الكالوتي و مسجد الملك حسين، حيث تسمع كلام الله يلقى بالأسلوب الحسن بما يحبب القلوب حيث تأتيهم الناس من مكان بعيد لأن الطريقة التي يلقى بها كلام الله لائقة به و لا تنتقص من رونقه و طهره فيصل إلى القلوب كالماء الزلال عذبا نقيا، يخاطب العقل و الروح.

حبذا لو تكون هناك عناية أكبر في إختيار الأشخاص الذين يؤمون بيوت الله ليعكسوا الصورة الصحيحة بما يتناسب مع أهمية الدور الذي يقومون به و بما يتناسب مع المنزلة الرفيعة لهذه الأمكنة و ما يتلى فيها من كلا مقدس.

Red Rose