بين ارسطو و ميكافيللي.. يا قلبي لا تحزن

الغاية تبرر الوسيلة:

تعد هذه الجملة اشهر ما تفوّه به ميكافيللي، و قد تبدو للبعض و للوهلة الاولى انها كلام منطقي.. وانا اولهم.. و بالفعل كلام منطقي جدا بمعزل عن الأخلاق و الدين و الضمير. لكن في مجتمع انساني فالغاية ابعد ما تكون عن تبرير الوسيلة..

فقتل الابرياء مثلا وسيلة الى غاية ما.. الرشوة و الاختلاس و التزوير و الاحتيال كلّها وسائل الى الثراء. وكذلك الكذب و الرذيلة و الدعارة و كل ما يمكن تصوّره و ما لا يمكن تصوره من امور كريهة في سبيل الوصول الى غاية ما..

طبعا في السياسة ايضا يجوز الكذب و الرياء للوصول الى النتائج المطلوبة. لكن بما ان السياسة هي "فن الكذب" فقد يجوز في بعض الاحوال تبرير الوسيلة لكن فقط في حالة مراعاة الصالح العام للأمة و ليس الفرد

بنظرتي المتواضعة، هذا الكلام هو قمة الجحود و النكران لأنسانية الانسان! فلا فرق بين الانسان و الحيوان اذا ما استمرت هذه الافكار

قد ينجح من يمارسها بالوصول الى بعض النتائج الدنيوية و لكن على المدى البعيد هو خاسر لا محالة، فأبسط النتائج الجانبية هو بكل بساطة خسارة احترام و تقدير الناس، ليس فقط من كانوا اقل مستوى من الشخص بل و حتى من كانو اعلى منه مستوى ... فصاحب هذه الاعتقادات غير جدير لا بالاحترام و لا بالثقة.

من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يحبوك:

صحيح؟ لنتخيّل معا زعيم، و الامثلة كثيرة، يحكم شعبة بالحديد و النار، و الكل يهابة ويحسب له الف حساب .. و الامثلة حولنا كثيرة.. يخافون منه .. لكن هل يحميه هذا من التآمر عليه في الخفاء؟ بالتأكيد لا.. قد لا ينجحوا في التخلص منه، الا انهم سيكونون على اهبة الاستعاد للنيل منه في اوّل فرصة تسنح لهم.. و عندها سيضربوا تماثيله المكسرة بالنعال، فرحا بسقوطه.

و الآن لنتخيل القائد المحبوب و رعيته على اتم الاستعداد لبذل ارواحهم طوعا فداء له. اعتقد ان الخيار بسيط و لا يحتاج الى "عبقرية" كي يعرف الانسان من هو الافضل و الاقوى و المفضّل بين الرعية.

--

اخترت فقط مثلين بسيطين من آراء ميكافيللي الاكثر شهرة، ولم ادخل بتفاصيل معارضته هو شخصيا لآاراء ارسطو في السياسة و الدولة، حيث و ضع آراء ارسطو من الاخلاص للدولة و الفضيلة و تفضيل الخير للجميع، و الكفاءة في اداء المهام جانبا مقابل آراءة بأن الهدف الشخصي للفرد اهم و اعلى، و وضع الشخص المناسب لأهداف القائد بغض النظر على كفائته و ذلك لأن الشخص الكفء يمثل تحديا للقائد على المدى البعيد و يجب على القائد التخلص من كل مساعديه بمجرد رقيه الى السلطة

قد لا اكون بشهرة او عبقرية ميكافيللي، لكني بالتأكيد احتكم الى سلطة اخلاقية اعلى من سلتطه و افكاره التي تعمد فقط الى ترسيخ الحكم و بأي وسيلة ممكنة و حتى و ان نجحت لفترة فعدم الاخلاقية في النتفيذ سيكون لها النتائج بعيدة المدى و التي بكل بساطة ليست في صالح لا الامة و لا الشعب و لا القائد الذي هو في البداية و النهاية خادم للأمة و ليس سيّدها