رمضان .. الغربة

احب الاشهر الى قلبي و بدون منازع .. طبعا ... شهر رمضان... تعلّق قلبي فيه من ايّام الصغر و انا طفل في الكويت

اذكر ليالي السهر في الصيف القائظ .. و الفراقيع... والقرقيعان (عبارة عن حلوى و مكسرات يوزعها الاهالي على الاطفال على طريقة "الوحوي يا وحوي" في مصر و الهالوين في العالم الغربي)

اذكر ايضا رحلتنا الى المساجد بعد الفطور لأداء التراويح.. كم كانت جميلة تلك الايام... مليئة بالحب و الشعور العائلي... فما من قريب او بعيد حتى يتعازم و يوفّي صلة الرحم..

نحن عرب، و طريقتنا في التعبير عن الحب للآخرين معروفة... و مشهورة الكرم في العزائم... و ما اجملها و اكثرها في رمضان.. سفرات ممتدة بما لذ و طاب من الوان الطعام و الشراب.. متعة لا يوازيها متعة...

اذكر ايضا تململي من الذهاب الى هذه العزائم ... فأنا اريد ان العب، اشاهد الكرتون الجديد على التلفزيون.. و ليس هذه التقاليد القديمة البالية ...ليتني عرفت يومها انه سيأتي هازم اللذات و مفرق الجماعات .. و يأتي اليوم الذي اتمنّى فيه ان اكون بقرب احد من الأحباء اللذين يغدقون في تكريم ضيفهم .. وان كان بقليل من الحنان الممزوج بالأطعمة

لم اعلم ايّامها ... كم صعب على الانسان ان يكون غريبا، في بلد غريب، في الشهر الكريم... كم محزن ان يمضي الشهر.. دون لقاء الاحباب ... و رفقة الاصحاب

في الغرب، يحزنون على من يمضي عطلة عيد الميلاد وحيدا... بالضبط كما رمضان عندنا... فما اجمله... ما احلى ايّامه ولياليه

علّمتني الغربة كيف اكون لوحدي و غير وحيد، علّمتني ان اقدّر النعم التي لا تقدّر بمال، و تجد من يستهتر بها و من لا يحس بها! علّمتني كيف ان قضاء الايام كرمضان في احضان الاهل في ربوع الوطن يعني الكثير، و طعمه احلى من اي شيء

هنا... وعلى الرغم من تفهّم المقربين من الزملاء في العمل و الاصدقاء و الجيران لرمضان.. الا انه لا طعم و لا رائحة ولا لون له.. يمر كالأغراب... يطل علينا خجولا معتذرا من قسوته علينا .. يأتي بعد ان يتناحر العرب و المسلمون على رؤية الهلال... ممّن يقول بالاستحالة الفلكية و ممّن يريد فقط ان يعارض... متفككون، متشرذمون... كل على هواه! و كل سنة على هذه الحال!

بدل ان يكون شهر التعاون و الإخاء و الاتحاد... تراه يبدأ بالاختلاف...

لكن.... احمد الله ان عندي بعض المحطّات العربية التي تنقل لي احساس رمضان، وان كان بمسلسلات سخيفة و مملة ... فعلى ما يبدوا هذا كل ما بقي لي من رائحة رمضان...

انشاءالله تعالى ... سأقضي رمضان القادم في عمان... و استمتع به مع الاهل و الاحباب

و كل عام و انتم بخير، و عساكم من عوّاده