من اين جاء المكياج؟

حتى الاديان.. حاولت معالجة هذه الامور.. من محاولة منعها تماما .. الى محاولة الحد منها او جعلها خاصة جدا بالازواج و ما الى ذلك

يقال .. ان قدماء المصريين اول من استخدم المكياج، من كحل و طلاء والوجوه و الاطراف و تقليم الاظافر و ازالة الشعر الغير مرغوب و تبييض الاسنان والوشم والتطيُّب والحنة و صبغ الشعر الخ.. لكن الصراحة، اعتقد ان الامر اقدم بكثير من ذلك

اعتقد انه في البداية، حتى ايام انسان الكهف، لا اديان، و لا لغات، و لا حضارة. كان الانسان افضل بقليل من الحيوانات، اجلّكم الله. شعور كثيفة، اسنان قذرة، اجسام مغطاة بجلود بعض الحيوانات والغريزة كل ما يدفعه الى التكاثر.. الى اخره

وفي يوم من الايام، اكتشفت احدى النساء ان شكلها يجذب الذكور اكثر اذا كانت شفتاها حمراوان من اكل بعض الثمار الملونة.. ربما لأنه في الاصل كانت المرأة التي لا تمتلك شفاه حمراء قد تكون علامة مرض او عدم صحة او فترة غير مناسبة للتكاثر او السن الكبير

على ما يبدو كان الذكور في ذلك الزمان ينجذبون اكثر للنساء وافرات الصحة و من علاماتها الخدود الوردية و الاجسام الممتلئة... فأصبحت احدي اسباب احمرار الوجنات (التقريص) عملا شائعا لجذب اكبر عدد من الذكور... ذكور اكثر يعني طعام اكثر، حماية اكثر خصوصا للنساء الضعيفات جينيا في فترات عديدة من حياتهم كالحمل و الولادة و توابعهم.

بمرور الزمن اكتشف الانسان المساحيق المبيضة للبشرة التي تكسب المرأة مظهرا ابهى و تبدو معه اصغر سنا و اصفى بشرة.. طبعا البشرة النضرة ايضا من علامات الصحة.. و في اوروبا العصور المظلمة كانت احدى علامات المكانة الرفيعة هي البشرة الشاحبة البياض.. مما ادى الى انتشار المبيضات للأسف، معظم هذه المساحيق كان عبارة عن سموم مثل الزرنيخ و مبيضات الاسنان التي كان من ضمنها .. عفوا "البول".. لاحتوائه على الامونيا .. والتي بالاضافة للتبييض كانت تقوم باهتراء الاسنان .. فلم يدم الاثر كثيرا.. بالاضافة الى انه من الاشياء المقرفة (و قد حث الرسول على عدم استخدام النجاسات، وفضّل عليها الاستواك و هي اقدم طريقة معروفة لتنظيف الاسنان. حتى يقال ان سيدنا آدم كان يلوك لحاء الشجر لتنظيف اسنانه و للعناية برائحة فمه. و كذلك سيدنا موسى حيث لاك بعض لحاء الشجر قبل مقابلة الله لانه كان صائما).. طبعا لا شيئ افضل من المواد الطبيعية و النباتية اما المساحيق و توابعها فما هي الا سموم تضر اكثر مما تنفع... لكن الحمد لله فالعلم تطور كثيرا واستغنى الانسان عن المواد المسرطنة و السامة بالمواد المشتقة من اصول عضوية كالبترول و دم الحيوانات ( غالبية مستحضرات التجميل الحديثة يدخل في صناعتها مواد مشتقة من دماء الحيوانات المذبوحة) مع العلم ان الدم ايضا نجاسة و لا يجوز استعمالة، و لكن بعد التصنيع ..و اتخراج المواد النافعة..قد يختلف الامر.. ولكن و حسب كثير من العلماء ففي الامر شبهه. لكن .. ليس هذا موضوعنا..

بغض النظر عن الاصل، كما يبدوا فالقضية قديمة جدا.. وقدماء المصريين كانوا من اول الحضارات التي استعملت المكياج للتجميل. ليس فقط للنساء، بل للرجال ايضا.. و ان كانت على ما يبدو في البداية حكرا على الطبقات الغنية..والكهنة و الطقوس الدينية ثم انتقلت الى الحضارات الاخرى ..حتى الحكيم اليوناني بلاطس قال: المرأة بلا صباغ كالطعام بلا ملح.. واضح انه كان من مشجعي المكياج

الكحل مثلا يساعد على الايحاء ان العيون اوسع، صفة مهمة في عالم البقاء ما قبل الحضارات، فقد تعني للبعض ان المرأة قادرة على النظر ابعد من غيرها. و تكلمنا عن الشفاة و الوجنات، اما ازالة الشعر و تبييض الاسنان فدلالات على صغر السن والحيوية..

قد تنزعج نساء اليوم من اصول ما يفعلونه .. و اتخيّل اول ما سيقولون هو انهم يفعلون هكذا لانفسهم فقط ليشعروا شعور افضل، لكن الاصل ثابت .. كل شيء موجود لسبب.. فالقدماء كانوا مشغولون اكثر بالبقاء وليس الشعور الافضل لأسباب كثيرة. فهي بالضبط كقيام الرجال بتنمية عضلاتهم، فهي اسلوب جذب، وان اعطت للانسان احاسيس افضل، ربما لان الجنس الآخر بتقبلة اكثر او ينظر اليه بعين الرضى اكثر.. ومهما كانت الاسباب، لا يمكن بأي حال من الاحوال فصل المكياج عن الجنس .. غريب .. لكن هذه هي الحقيقة

في العصر الحديث، حدثت طفرات في هذا المجال واستخدم العلم الحديث لعمل العمليات التجميلية لزيادة بعض الاثار الجمالية .. حتى و ان كانت على حساب الصحة ... لكن كما نعلم.. ليس هذا بالشيء الجديد

المهم ... لا افراط و لا تفريط ... المكياج جميل... ولكن الجوهر اجمل.. كل شيء باعتدال .. يكون رائع.. المهم ان لا تنسى نساء اليوم انهن كلّهن جميلات.. حتى بدون مكياج