ضلع اعوج
- By: Qwaider
- On:Saturday, May 08, 2010 12:05:30 PM
- In:Thoughts
- Viewed: (4971) times
- Currently 4.7/5 Stars.
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
Rated 4.7/5 stars (91 votes cast)
كثيرا ما سمعنا مقولة ان المرأة خلقت من ضلع اعوج من آدم. طبعا و بدون شك كل ما توارثناه اصبح في شبة المسلّمات. و الكثيرين و منهم ائمة مساجد من على المنابر يلقون بالخطبة تلو الخطبة في قصور النساء و خلقهم "الناقص" مستشهدين بخلقها المتأخر عن آدم المكرّم من الله و الملائكة و من بعض زوائده... فالمرأة لم تخلق الا بعد كمال خلق آدم و خلقت من ضلعه اثناء نومه (على اساس انّه عليه السلام، ملّ من الحياة وحيدا في الجنة)
طبعا لن ادخل في مجال الحديث عن الموضوع من ناحية علميا، فكل القصة لا تعدو كونها كلام فارغ من ناحية علمية. و آدم لا بد ان يكون نشأ من مخلوق آخر. او الأصح حوّاء هي التي نشأت من كائن آخر و كان آدم الطفرة التي كوّنت الرجل على ما هو عليه. لكن ما علينا
من ناحية دينية، و اخص هنا دين الإسلام، فهذا ايضا محض هراء و افتراء !!!! كيف؟ و لماذا؟
يقال ان الحديث في خلق حوّاء من احاديث الرسول عليه الصلاة و السلام. لكن بالرجوع الى الصحيح من احاديث الرسول تجد نص الحديث كالتالي: "واستوصُوا بالنساء فإنَّ المرأة خُلِقت من ضِلَع، وأنَّ أعْوَجَ ما في الضِّلَع أعلاه، إن ذهبْتَ تُقِيمه كَسَرْته، وإن تَركْته لم يَزلْ أعْوجَ، استوصوا بالنساء خَيرًا" رواه مسلم. اي لم يأتي على ماهية هذا الضلع. يعني هل هو ضلع بشري؟ أم ضلع معنوي؟ و الأرجح الرجوع الى معنى الضلع في اللغة فالضلع الشيء المقوّس او المحدب. و هو شيء يميّز الضلع حيث انه بلا اعوجاج الضلع لكان عبارة عن عمود مستقيم غير جدير بأي اهتمام. لكن المثير ان الضلع المقوّس اقوى من الضلع المستقيم من ناحية هندسية.
الحقيقة لمن يبحث عنها، فكل احاديث خلق حوّاء تعد من الإسرائيليات، و هي مأخوذة جملة و تفصيل عن اهل الكتاب. و هو شيء لا بأس به، طالما لم يتعارض مع جوهر الدين و العلم. فلا يمكن بأي حال من الأحوال الإحتجاج بالضعيف على الصحيح، وهذا من البديهيّات. بل الأولى عدم ادراجه من اساسه كجزء من الدين. انّما هو من أساطير الأمم السابقة و يتعدّى كونه حكاية. و هو شيء يتجاهله و بشكل دائم اعداء الإسلام و من يحاولون تشويه صورة هذا الدين.
عندما يذكر الله تعالى خلق آدم، و تكريمه، و سجود الملائكة له، فهو لا يعني آدم ذاته بشخصه، انّما الجنس البشري بكل سلالته و ذريته الى يوم الدين. ذكرهم و انثاهم، خيرهم و شرّهم، مؤمنهم و كافرهم. بدون اي تمييز بين هؤلاء في التكريم. و آدم هنا ابو البشر نائب عن كل البشرية، و حوّاء ذاتها خلقت معه، في آن واحد بدون تفضيل في الخلق لأي الجنسين على الآخر.
من ناحية علميه، يثبت العلم الحديث، ان الأصل في الإنسان الأنثى. و الذكر ما هو الا طفرة او مخلوق تميّز عن انثاه بكون أحد كروموسوماته يفتقد للقدم الأخرى. يعني في حين تتماثل سائر الكروموسمات في جسم الإنسان، وحده الذكر يمتلك كروموسم "Y" الذي ينقص ساقا عن شكل الكروموسومات الأخرى على هيئة "X". غير ان هذا ليس كل شيء! فكل الذكور تمر بمرحلة تكون فيها تشريحيا لا تختلف عن الإناث في شيء اثناء تكوين الجنين في رحم امّه. فتقريبا لفترة ستة اسابيع، ينمو الجنين على انّه انثى. ثم يتحوّل بعد ذلك بتأثير هرمون التيستوسيتيرون الى ذكر. او في غياب الهرمون يبقى الجنين مؤنّث.
نعجب اليوم من "طفرات" هذا الزمن و فهمهم العجيب لآيات الله، و حتى على المنابر! فالمرأة لم تخلق من ضلع آدم كما ان اعوجاج الشيء هو ما يميّزه. فمن الواضح ان فهم الكثيرين هو الأعوج!
علينا دائما تحرّي الحقائق، والتأكد قبل اخذ الأشياء مسلّما بها و خصوصا في الأمور المتعلّقة بالعقيدة. هذا الفهم الخاطيء قد يكون السبب في اشراك احدهم او حتّى الحاده. ظنّا منهم ان القصور في الدين... و لكن في الحقيقة العوج و العتب على بعض الببغاوات الدينية، تتفوّه بكل ما لا تفقه به شيئا!
Memories....
الانتقائية بتفسير معاني و ألفاظ القرآن و السنّة أصبح سمة عصر الفتاوى الهوائية الفضائية، و مقولة "ضلع أعوج" من هذه الشاكلة.